تاريخ الفتوى : الأحد 16 ذو الحجة 1424 / 8-2-2004
ما هو حكم التلفزيون؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جرى على ألسنة كثير ممن يعتنون بالفتوى أن التلفاز جهاز ذو حدين: صالح للخير وصالح للشر .
ولا شك أن هذا كلام صحيح - في الجملة - لو أن السائل واحد من اثنين:
1 - جهة تمتلك قناة بث وهي آخذة بزمام الأمور فيها، لا يبث فيها إلا ما تريد مما هو نافع .
2 - شخص عنده جهاز تلفاز متحكم فيه لا يفتحه إلا هو أو من يثق به ، فإذا رأى النافع - وهو قليل - فتح عنه وإذا رأى غيره أغلق الجهاز .
هذان هما اللذان يعقل فيهما الإطلاق السابق (سلاح ذو حدين ) ، ولا شك أن الأول منهما لم يطرح فيه سؤال قط - فيما نعلم - مما يعني أنه لا توجد قناة تقتصر على بث النافع دون غيره إلا قناة واحدة أو قناتين أحدثتا قريبا.
وأما الثاني فإنه حالة نادرة إذا قورنت بغيرها مما عليه حال الناس اليوم ، وقد علم من منهج الشارع في التشريع أنه لا يلقى لها بالاً في الغالب الأعم .
إذا فيبقى السؤال المطروح واقعياً : ما هو حكم استعمال التلفاز على الحال الذي هو عليه عند أغلب الناس ، و جواباً على هذا السؤال نقول :
إن في استعماله على الوضع المذكور جملة من المفاسد وقليلا من المصالح ومن هذه المفاسد :
1 - ضياع الأوقات والتفريط في كثير من الواجبات .
2 - نقل ثقافات الأمم الكافرة على جهة التسليم والتبعية والتقليد .
3 - نشر الخلاعة والإباحية وذلك من خلال الأفلام الماجنة والأغاني الهابطة والإعلانات التجارية التي تظهر المرأة عارية أو شبه عارية ، مما يكون سبباً في تعود الشخص على رؤية المنكرات وموت الغيرة في نفسه .
4 - زعزعة ثوابت الأمة ، وذلك من خلال الطعن في عقيدتها كنشر الأفلام التي تستهتزئ بالدين و حملته ، أو إخضاع الأحكام المستقرة المحسومة للنقاش وتداول الرأي فيها.
5 - خلخلة الأمن في المجتمعات ، وذلك من خلال ما يبثه من مسلسلات بوليسية، أو أفلام تعلم فنون السرقة والقتل والاغتصاب .
6 - إدمان النظر المفضي إلى فساد العقول ، والتأثير على صحة المشاهد ، خاصة على البصر ، وهذا يظهر على الأطفال والشباب أكثر من غيرهم.
ومن المصالح المرجوة : الاطلاع على الأخبار، والاستفادة من بعض البرامج النافعة، ومن مقررات قواعد الأصول : أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، ومستند هذه القاعدة تحريم الخمر والميسر مع التصريح بأن فيهما منافع ، قال تعالى : (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس).[ البقرة : 219].
وقوله صلى الله عليه وسلم : " فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" . متفق عليه.
فقد قيد الإتيان بالمأمور به بالاستطاعة ، وأطلق في اجتناب المنهي عنه ولم يقيد ، مع أن المرء غير مكلف باجتناب ما لا قدرة له على اجتنابه في الجملة ، فلم يبق للتقييد والإطلاق فائدة غير بيان أن جانب المنهيات أعظم من جانب المأمورات إذا تعارضا.
وعلى هذا فالمترجح في جواب السؤال هو: التحريم، إلا فيما انضبط بالقيد المنصوص عليه أولاً.
ومما ينبغي التنبه له أن هذا التحريم يخالف التحريم في الخمر والميسر لكون ما فيهما من المفاسد لا يمكن أن ينفك عمّا فيهما من المصالح بخلاف مسألتنا ، فالتحريم فيها منزل على حالة واقعة قابلة للتغير.
ولذا فلو أن الله قيض لهذه الأمة من يراعي فيها عهد الله وذمته وينشئ لها قنوات نافعة تقتصر على بث ما أذن فيه دون غيره ، لتحول الحكم إلى الجواز أو الاستحباب إن لم يتحول إلى الوجوب بالنسبة لبعض الناس .
وفي الأخير نهيب بولاة الأمور وأصحاب الأموال من المسلمين أن يولوا هذا الأمر ما يستحقه من عناية ، فقد بلغ السيل الزبى واتسع الخرق على الراقع.
والله المستعان ولا حول ولا قوة إلاّ بالله .
والعلم عند الله تعالى
.http://www.islamweb.net/VER2/fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=1886
العمل في إصلاح أجهزة التلفاز
بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل في إصلاح التلفزيون وبعد فترة طويلة من البحث اقتنعت أن ترك إصلاح التلفزيون أولى، لكن الآن أنا متزوج وعمري حوالي 28 سنة وليس لي دخل آخر، فهل من الممكن أن أستمر في هذه المهنة فترة من الزمن حتى أجمع مبلغا لإتمام أي مشروع آخر حلال، ملحوظة: محلي في الريف أغلب الناس يستخدمون الدش المركزي بما فيه من القنوات الدينية وغيرها، وأيضاً القنوات العادية ولكن ليست إباحية، وخاصة يشاهدون قناة الناس وغيرها، فهل الآن أنا واقع في الحرام ودعائي لا يقبل، لأن الشيطان يدخل لي من هذا المدخل يريد إفساد طاعتي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى:
">الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإصلاح أجهزة التلفزيون والفيديو والدش جائز، ولكن لا يجوز إصلاحها لمن يُعلم أو يُظن أنه يستخدمها في الحرام، سواء صرح بذلك أو علم بالقرائن، وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز بيع العنب لمن يتخذه خمراً... والسلاح لقاطع الطريق أو الباغي، وكذلك تأجير المنزل لمن يستخدمه في معصية الله تعالى.... وهكذا لأن في هذا عوناً على المعصية، وهو من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، فدل ذلك على حرمة كل تسبب في المعصية وإعانة صاحبها عليها، وكذلك كل تصرف يفضي إلى المعصية.
وعليه، فما اقتنعت به من أن ترك إصلاح التلفزيون أولى هو اقتناع صحيح، ويُرجى أن يجعل لك الله بدل هذه المهنة خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة، وما ذكرته من وضعك واحتياجك إلى هذه المهنة، فجوابه أن لك أن تمارس منها ما غلب على ظنك أنه لا يستخدم في الحرام، واعلم أن الحرام لا يقتصر على مشاهدة الفواحش ونحوها من أنواع الرذيلة، بل منه أيضاً المسرحيات الماجنة والتمثيليات التي تظهر فيها المرأة متبرجة، ومنه كذلك ما تعرضه بعض القنوات من المخالفات الشرعية والجرائم التي أقل ما ينشأ عنها أنها تنشر تلك الأخلاق والممارسات بين أوساط المجتمع، مع ما فيها من تضييع للوقت.
ولو افترضنا جدلاً أن الناس في الريف لا يشاهدون شيئاً من الممارسات المنهي عنها، فإن اختيار مهنة غير هذه بعيدة عن كل الشبه أولى بالمسلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
www.islamweb.net
عدل سابقا من قبل م/حسن المصري في الخميس 15 يناير - 11:39 عدل 4 مرات