مصراوي للإلكترونيات وخدمات الصيانة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مصراوي للإلكترونيات وخدمات الصيانة

lcd,tv,رسيفر,تليفزيون,شاشه,كمبيوتر,سوفت,برامج,بلازما.توشيبا,شحن فلاشه,


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الجهاد في سبيل الله بالإسلام العظيم

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

م/حسن المصري

م/حسن المصري
المدير العام


الجهاد في سبيل الله بالإسلام العظيم

د. كمال علاونه
دكتوراه علوم سياسية
فلسطين العربية المسلمة

الجهاد في سبيل الله بالإسلام العظيم 1216298183

يقول الله القوي العزيز القهار : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) }( القرآن المجيد ، التوبة ) .
ما معنى الجهاد ؟
للجهاد عدة معان لغوية ودينية شرعية جلية واضحة لا لبس فيها ولا غموض . فالجهاد في اللغة هو الجهد والمشقة . والجهاد في سبيل الله العزيز الحكيم شرعا هو بذل الجهد لقتال ومقارعة ومناهضة الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى لتكون هي العليا وجعل كلمة الذين كفروا السفلى . والجهاد في سبيل الله بعامة ، يشمل صنفين : الصنف الأول : مجاهدة النفس وحثها على إتباع الإسلام الحنيف دين الحق الأبدي ، خاتم الرسالات السماوية ، ومجاهدة الشيطان الرجيم الذي يدعو إلى الشر والعمل على إتباع مناهج الخير للنفس وللآخرين .
والصنف الثاني : مجاهدة الكفار والمنافقين والفاسقين والظالمين والطغاة والغلظة عليهم . لهذا النوع من الجهاد عدة طرق هي : الجهاد بالنفس والمال والأهل . والجهاد بالنفس بدوره يشمل ثلاثة أشكال هي : الجهاد باليد والجهاد باللسان والجهاد بالقلب . والجهاد في هذه الحالة يشمل عدة وسائل قتالية وإيمانية في الوقت ذاته ، يشمل القتال بالسيف أو الأسلحة المتوفرة والجهاد بالكلمة والجهاد بالإيمان القلبي . والجهاد الشامل ما شمل كافة الأشكال والصور العسكرية والسلمية .
على العموم ، الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى هو إحدى الوسيلتين التي نشر المسلمون من خلالهما نواة الدعوة الإسلامية إلى كافة أنحاء المعمورة عبر القرون الزمنية السالفة التي أعقبت الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، وهما : الجهاد العسكري والجهاد السلمي المدني . فامتد الإسلام من المدينة المنورة ، نواة الإسلام والدولة الإسلامية الأولى ، منذ عهد النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرورا بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية والدولة العباسية وما تبع ذلك من عهود إسلامية متلاحقة إلى مساحات واسعة من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا . واستخدم للجهاد في سبيل الله أو ما يطلق عليه أحيانا " الجهاد المقدس " كافة الطرق والأشكال فكانت فسيفساء جهادية رائعة تحكمها الحاجة والظروف والضرورات ، فكانت أحيانا تمثل الناحية السلمية بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأحيانا أخرى تستخدم الطاقة العسكرية والإعداد الشامل الملائم للأخذ بالأسباب والمسببات . وكانت جموع المسلمين تجول وتصول في ساحات المعارك ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى والفوز بنعيمي الدنيا والآخرة ، والآخرة خير وأبقى ، فكان لسان حال المسلمين يقول : " اطلبوا الموت توهب لكم الحياة " ، الحياة الحرة الكريمة العزيزة الشريفة في الدنيا ، والحياة الخالدة الفضلى في دار القرار وهي الحياة الأخرى الباقية . فلم يكن المسلمون يبخلون لا بأنفسهم ولا بأرواحهم أو مالهم وأهلهم في سبيل الله ونشر دين الله ، وما كان من ثمرة لهذا الجهد والمشقة إلا أن دخلت الأمم في الإسلام أفواجا .
وقد حثت العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة على الجهاد في سبيل الله من أجل عدة غايات وأهداف إسلامية سامية تسمو بالانسان المسلم إلى الدرجات العلى منها :
1. نشر الدعوة الإسلامية السمحة الهادفة إلى إسعاد البشرية كافة في مختلف العصور والأزمان والعمل بشريعة الله تبارك وتعالى بإتباع أوامره واجتناب نواهيه ، فالإسلام جاء للناس كافة لإقامة حكم الله عز وجل في الأرض وإخراج الناس من الظلمات إلى النور .
2. القضاء على الظلم والظالمين ونشر العدل والمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس في شتى الشؤون العامة والخاصة .
3. تكريم المجاهدين في سبيل الله بإحدى الحسنيين : إما النصر أو الشهادة ، والشهداء جعل الله مثواهم الجنة ، فهم أحياء عند ربهم يرزقون ، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون . وقد خلق الله الموت والحياة لابتلاء الإنسان . قال تعالى : { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) } ( القرآن المجيد ، الملك ) .
على أي حال ، وردت عدة آيات في القرآن الكريم تدعو إلى الجهاد في سبيل الله ومجاهدة الكفار والملاحدة ، قال الله جل جلاله في سورة البقرة : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) } ( القرآن المجيد ، البقرة ) . والجهاد العسكري بالسيف والجهاد المدني بالكلمة فرض وأمر إلهي عام على المسلمين ، فهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة في حالة تعرض ديار المسلمين للخطر الخارجي ، حيث تفرض التعبئة الإسلامية العامة في البلاد ، لنصرة عباد الله ودين الله في أرض الله . والجهاد فرض كفاية في حالة الاستقرار والطمأنينة . والجهاد هو خير للمسلمين لحماية الحمى والأرض والعرض ، والدين ونشر العدالة العامة بين الجميع . قال الله عز وجل في محكم كتابه العزيز : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)} ( القرآن المجيد ، البقرة ) . و في آيات أخرى ذكر الله عز وجل القتال فقال عز من قائل : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)} ( القرآن المجيد ، البقرة ) . وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) }( القرآن المجيد ، التوبة ، 73 ) والتحريم ، 9 ) .
كما قال الله تعالى مخاطبا فئة المؤمنين يحضهم على عدم التولي يوم الزحف بل مواجهة الأعداء الكافرين ورخص في إتباع أساليب الكر والفر ، والتحرف للقتال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}( القرآن المجيد ، الأنفال ) . وفي بَاب فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قال اللَّهِ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }( آل عمران ) .
وفي الأحاديث النبوية الشريفة حث كبير على الجهاد في سبيل الله ، فقد عمل الرسول الكريم على مجاهدة الكفار والمشركين بشتى السبل والوسائل المتاحة وقال إن الرباط في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها . فقد جاء بصحيح البخاري - (ج 10 / ص 19) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا . وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا " .


أنواع الجهاد
الجهاد أو القتال نوعان :
1. الجهاد في سبيل الله ، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى . وهو أفضل أنواع الجهاد قاطبة فهو يعلو ولا يعلى عليه شيء ، وهو ذروة سنام الإسلام .
2. القتال أو الكفاح من أجل المركز أو تحقيق مكاسب دنيوية أو الوجاهة بين الناس ، والحوز على غنائم دنيوية فقط ، ويكون القتال في هذه الحالة ليس في سبيل الله وإحقاق الحق وإنما التذرع بذلك لنيل مكاسب فانية زائلة .
من هو الشهيد في الدنيا والآخرة ؟
لا يعرف كثير من الناس من هو الشهيد ، وماهية درجات الشهداء الحقيقيين في الدنيا والآخرة ؟ فهناك شهداء يعدون شهداء في الدنيا وهم الذين يدافعون عن مبادئهم ولكن دون أن يكونوا مسلمين ، لتكون هي المبادئ المعمول بها في الحياة الدنيا فهؤلاء هم شهداء الدنيا فقط . أما شهداء الدنيا والآخرة فهم الشهداء الذين اخبرنا عنهم المصطفى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث رحمة للعالمين فهو بشير ونذير في الوقت ذاته ، دعا إلى إتباع الفطرة وهو الدين الإسلامي الحنيف لكي يسعد الناس في الدارين : الدنيا والآخرة . فعن الشهيد ، وأنواع الشهادة بين لنا الرسول الكريم كافة هذه الأمور ، والتي أيضا كانت تخفى على الصحابة أبان دعوته للإسلام سرا وعلانية . فالشهادة الحقة تكفر الذنوب وتمحو الخطايا وتستبدلها بالخلود في جنات النعيم التي وعد بها المتقون من عباد الله سبحانه وتعالى . جاء بصحيح البخاري - (ج 10 / ص 371) قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " .
وقد فصل الإسلام العظيم ، درجات الشهداء على أربع مراتب متتالية مترابطة أو منفصلة عن بعضها البعض ، كما جاء بمسند أحمد - (ج 1 / ص 149) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشُّهَدَاءُ أَرْبَعَةٌ : رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الْإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللَّهَ فَقُتِلَ ، فَذَلِكَ الَّذِي يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهِ هَكَذَا وَرَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَلَنْسُوَةُ عُمَرَ . وَالثَّانِي رَجُلٌ مُؤْمِنٌ لَقِيَ الْعَدُوَّ ، فَكَأَنَّمَا يُضْرَبُ ظَهْرُهُ بِشَوْكِ الطَّلْحِ جَاءَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ فَذَاكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ . وَالثَّالِثُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى قُتِلَ ، قَالَ فَذَاكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ . وَالرَّابِعُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ إِسْرَافًا كَثِيرًا لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللَّهَ حَتَّى قُتِلَ فَذَاكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ " . والإنسان القوي الإيمان الذي يقاتل عن عقيدة وإيمان راسخين ، كالطود الشامخ ، ذكر ذلك صحيح البخاري - (ج 1 / ص 209) إذ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا ، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا فَقَالَ : " مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .
على أي حال ، لقد ارتبط لفظ الشهادة بالحرب والغزو العسكري الإسلامي في سبيل الله بصورة جامعة وشاملة . وقد حدد الإسلام العظيم الشهداء ، عبر الأحاديث النبوية الشريفة التي توضح الدستور الإسلامي الكبير وهو القرآن المجيد ، حدد أنواع الشهداء الذين يحتسبهم حسب الرؤية الإسلامية العامة . فقد ورد بصحيح مسلم - (ج 10 / ص 29) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَهُوَ شَهِيدٌ . قَالَ : إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ ؟ قَالُوا : فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ " . وفي حديث نبوي آخر ، أوردته سنن النسائي - (ج 10 / ص 282) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ جَبْرًا فَلَمَّا دَخَلَ سَمِعَ النِّسَاءَ يَبْكِينَ وَيَقُلْنَ كُنَّا نَحْسَبُ وَفَاتَكَ قَتْلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ! قَالَ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ إِلَّا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ شُهَدَاءَكُمْ إِذًا لَقَلِيلٌ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ وَالْحَرَقُ شَهَادَةٌ وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ وَالْمَغْمُومُ يَعْنِي الْهَدِمَ شَهَادَةٌ وَالْمَجْنُونُ شَهَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ قَالَ رَجُلٌ أَتَبْكِينَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ قَالَ دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ بَاكِيَةٌ " . ويردفه حديث نبوي آخر ، جاء بمسند أحمد - (ج 16 / ص 286) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ ؟ قَالُوا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . قَالَ : إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ . الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ وَالْبَطَنُ شَهَادَةٌ وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ وَالنُّفَسَاءُ شَهَادَةٌ وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ" .
من جهة أخرى ، عين الإسلام الكريم ، صور الشهداء وعددهم ، بشكل تفصيلي موجز ، فقال صحيح البخاري - (ج 3 / ص 42) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ثُمَّ قَالَ : " الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ : الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " .
وجاء بحديث اشمل وأعم من الحديث السابق ، يصف أنواع الشهداء ويفصلهم تفصيلا بينا جليا وواضحا ، فقد أوردت سنن أبي داود - (ج 8 / ص 366) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ فَصَاحَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ قَالُوا وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمَوْتُ قَالَتْ ابْنَتُهُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَكَ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ قَالُوا الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهَادَةُ سَبْعٌ ، سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ " .
وعن انتقال أرواح الشهداء من صورة إلى صورة أخرى كريمة ، تدل على الاهتمام الرباني بها ، وهو نوع وشكل من أشكال التكريم والتخليد ، والإحياء الدائم بطرق متباينة ، جاء بصحيح مسلم - (ج 9 / ص 472) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } قَالَ أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ اطِّلَاعَةً فَقَالَ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا قَالُوا أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا " . وعن كيفية حياة أرواح الشهداء في الجنة ، جاء بسنن الترمذي - (ج 6 / ص 193) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ أَوْ شَجَرِ الْجَنَّةِ " .
فوائد الجهاد في سبيل الله في الحياة الدنيا
كما ورد في القرآن المجيد والأحاديث النبوية الشريفة فان ثواب الجهاد في سبيل الله جزيل وكبير في الدنيا والآخرة على حد سواء ، فلهم عقبى الدار إن شاء الله كما شاء الله عز وجل لهم . قال الله تبارك وتعالى في الذكر الحكيم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)} ( القرآن المجيد ، الصف ) . ومن أهم أنواع ثواب الجهاد في سبيل الله ، في الدنيا الفانية والحياة الآخرة الباقية الخالدة ، ما يلي :
أولا : ثواب الحياة الدنيا : وهو ثواب وجزاء دنيوي فان لا يبقى . وهذا الثواب هو تحصيل حاصل ويجب أن لا يكون هدفا من أهداف الجهاد في سبيل الله ، إلا أن من نعيم الحياة الدنيا الذي ينجم عن الجهاد في سبيل الله بصورة جانبية وليس القصد هو الخلود في الدنيا إذ أن الدنيا لا خلود فيها ، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) } ( القرآن المجيد ، الرحمن ) .
على أي حال ، هناك بعض الأمور التي يستفيد منها المسلمون في الحياة الدنيا جراء إتباع الجهاد في سبيل الله ، واهم أنواع هذه الفوائد والامتيازات :
1. إعلاء كلمة الحق والدين الإسلامي والنصر على الأعداء وظهور الحق على الباطل ( التمكين في الأرض ) . قال الله تعالى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) }( القرآن المجيد ، الحج ) .
2. التمكين في الأرض ، و ردع الذين تسول لهم أنفسهم بالاعتداء على أرض المسلمين أو على المسلمين أينما كانوا . ولنا عبرة في صراخ المرأة المسلمة التي نادت " وامعتصماه .. واإسلاماه " فهب المسلمون لنجدتها وإنقاذها من نجس وبراثن الكفار المتهالكين على الحياة الدنيا . عن التمكين في الأرض للمسلمين : ذكر ذلك صحيح مسلم - (ج 9 / ص 451) ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي ، وَإِيمَانًا بِي ، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي ، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ . وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ . وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي . وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ " .
3. جني الغنائم من الكفار والمشركين ، من الأنفال . قال الله تبارك وتعالى : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } ( القرآن المجيد ، الأنفال ) . وقد بينت آية الأنفال ، آية التخميس ،كيفية توزيع الغنائم بين المسلمين . جاء بسنن أبي داود - (ج 7 / ص 339) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ غَنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ فَيَجِيئُونَ بِغَنَائِمِهِمْ فَيَخْمُسُهُ وَيُقَسِّمُهُ فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِمَامٍ مِنْ شَعَرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فِيمَا كُنَّا أَصَبْنَاهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقَالَ : " أَسَمِعْتَ بِلَالًا يُنَادِي ثَلَاثًا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ كُنْ أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ عَنْكَ " . وبهذا فقد رفض الإسلام الغل في الغنائم بان يقوم احد الجنود أو الغزاة بتخبئتها . والغلول هو ما يأخذه الغازي من الغنيمة وحده ولا يحضره لأمير الجيش ليقسمه بين الغزاة ، ويستوي في ذلك أمير الجيش أو احدهم . جاء بصحيح البخاري - (ج 10 / ص 302) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هُوَ فِي النَّارِ . فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا " . وعن بعض أسباب الاستشهاد ونيل الشهادة ، ذكر صحيح مسلم - (ج 1 / ص 340) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي ؟ قَالَ : فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ ! قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي ؟ قَالَ : قَاتِلْهُ قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي ! قَالَ : فَأَنْتَ شَهِيدٌ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ قَالَ هُوَ فِي النَّارِ " .
4. الإنفاق على الفقراء والمساكين . وخاصة أن الفتوحات الإسلامية وخوض المعارك ضد الكفار والمشركين كان ينجم عنها استشهاد العديد من الجند المسلمين فكان المسلمون يحسبون حساب أبناء الشهداء باعتبارهم يتامى يستحقون جزءا من الغنائم .
صفات المجاهدين في سبيل الله
يتمتع المجاهد في سبيل الله بالشجاعة والإقدام والكرم والجود وحب النصر ومواجهة الكفار مقبل غير مدبر ويحب ويطلب الشهادة في سبيل الله على حد سواء . والمجاهدين لا يرتكبون المجازر ولا يهدمون البيوت ولا يقطعون الشجر ولا يخربون وإنما هدفهم نشر الدعوة الإسلامية ، ونشر العدالة والمساواة بين الجميع تحت راية " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " . ففي إحدى وصايا أبو بكر الصديق الخليفة الراشدي الأول ، للجيوش الإسلامية التي توجهت لفتح الشام وعلى رأسها يزيد بن أبي سفيان ، فقال : إني موصيك بعشر خلال : ( لا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطع شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا تعقر شاة ولا بعيرا إلا لمالكه ولا تفرقن نخلا ولا تحرقنه ولا تغلل ولا تجبن ) .
عقاب الفرار من الجهاد في سبيل الله
حذر الإسلام الحنيف من الفرار من الزحف لقتال المشركين والمنافقين والفاسقين والظالمين والغزاة المحتلين لأرض المسلمين بأشد العذاب واعتبر عملية النكوص أو التهرب من الزحف أو القتال في سبيل الله من الكبائر الموبقة التي تؤدي بفاعلها إلى النار وعذاب الله العزيز الجبار ، الواحد القهار . وفيما يلي وصف للفارين أو الهاربين من الجهاد المقدس :
1. التولي عن الزحف الإسلامي من الكبائر : جاء بصحيح البخاري - (ج 9 / ص 315) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ " .
2. الإصابة بقارعة قبل يوم القيامة : فقد توعد الإسلام الفارين من الزحف الجهادي الإسلامي بالويل والثبور . تناولت ذلك سنن أبي داود - (ج 7 / ص 18) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ " .
3. ملازمة صفة النفاق للفارين من الجهاد : جاء بصحيح مسلم - (ج 10 / ص 19) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ " . وفي حديث نبوي شريف آخر ، وردت بسنن أبي داود - (ج 9 / ص 325) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ " .
إذا أن ترك الجهاد في سبيل الله هو من صفات المنافقين ، وترك الجهاد أيضا يؤدي إلى سيطرة وهيمنة الأجنبي على الأرض العربية الإسلامية ، وهذه الأمور تجعل من المسلمين أمة تابعة بدل أن تكون متبوعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر والبغي والظلم .
فضل الجهاد والشهادة في سبيل الله
يوم القيامة والحياة الآخرة
ثواب الشهيد في الحياة الآخرة هو ثواب أفضل وأبقى . قال الله سبحانه وتعالى مخاطبا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :{ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) } ( القرآن المجيد ، الضحى ) . ومن ثواب الآخرة ما أخبر عنه المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حبب الإسلام ورغب في الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى ، فجعل مثوى الشهداء الجنة ووصفهم الله عز وجل بأنهم بعد موتهم الظاهري بالحياة الدنيا أحياء عند ربهم يرزقون بالحياة العليا الدائمة . وللشهادة في سبيل الله عدة فضائل من أبرزها :
1. الحياة الخالدة عند رب العزة : قال الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل : { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} ( القرآن المجيد ، آل عمران ) . وقال تعالى : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) }( القرآن المجيد ، البقرة ) . وللشهيد خاصية وميزة مضاعفة ثواب المجاهد أو الشهيد في سبيل الله إلى يوم القيامة والأمن من فتنة القبر بعد الموت : جاء بسنن الترمذي - (ج 6 / ص 163) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ . وسمع رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ" . وفي مسند أحمد - (ج 54 / ص 479) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ رَابَطَ فِي شَيْءٍ مِنْ سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ رِبَاطَ سَنَةٍ " . وفي صحيح البخاري - (ج 10 / ص 19) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا " . وورد بسنن الترمذي - (ج 6 / ص 231) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَقُولُ : " رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَنَازِلِ " . ولم يغفل الإسلام مكافأة المسلمين الذي يجهزون الغزاة في سبيل الله بل جعل لها نصيبا مفروضا من الثواب والأجر كبير أيضا ، جاء في صحيح مسلم - (ج 9 / ص 488) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا " .
2. الإحساس البسيط بطعم القتل عند الاستشهاد : ومن ضمن تكريم الشهداء عند الموت ، جاء بسنن الترمذي - (ج 6 / ص 232) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ " .
1. الأمن من الفزع الأكبر عند نفخ الصور : ذكر مسند أحمد - (ج 18 / ص 419) ذلك ، حيث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا وُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَأُومِنَ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَغُدِيَ عَلَيْهِ وَرِيحَ بِرِزْقِهِ مِنْ الْجَنَّةِ وَكُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْمُرَابِطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " .
2. البعث يوم القيامة على هيئة الشهادة : جاء بصحيح البخاري - (ج 17 / ص 213) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ " . وأكد ذلك صحيح مسلم - (ج 9 / ص 454) إذ َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا ، إِذَا طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا ، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ ، وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِهِ ، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي ، وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِي " . والعرف تعني الرائحة الطيبة كلون المسك .
3. الأمان من عذاب الله : جاء بسنن الترمذي - (ج 6 / ص 190) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " . وجاء تأكيد ذلك لمسند أحمد - (ج 31 / ص 211) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ حَرَسَ مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُتَطَوِّعًا ، لَا يَأْخُذُهُ سُلْطَانٌ ، لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنَيْهِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا } " .
4. تمني الرجوع للدنيا للاستشهاد مرة أخرى : جاء بصحيح البخاري - (ج 9 / ص 396) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ ، إِلَّا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ " .
5. الشفاعة لسبعين من أهل بيته : ومن تكريم الله للشهيد فقد جعله الله يشفع لسبعين من أهل بيته ، جاء بسنن أبي داود - (ج 7 / ص 46) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ " .
6. كرامات الشهيد الأخرى : جاء بمسند أحمد - (ج 35 / ص 44) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سِتَّ خِصَالٍ : أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ ، وَيُزَوَّجَ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنَ مِنْ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا ، وَمَا فِيهَا ، وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ " .
ولا بد من القول بهذا الصدد ما بال هذه الأمة العربية الإسلامية تراجعت ونكصت إلى الخلف بدلا من التقدم للأمام ، وتركت الجهاد في سبيل الله ، لقد انتقل المسلمون من حياة الخنادق إلى حياة الفنادق ، ذات النجوم المتعددة ، وانشغلوا بالملذات والملاهي الزائلة ، فقبعوا تحت أقدام المحتلين ، وزالت عنهم كرامتهم إلى الحد الأدنى ، فأصبح الوطن الإسلامي تئن تحت وطاة المعتدين الأجانب ، ومرتعا للوحوش الضالة والذئاب الجائعة التي تنهش بالجسد الإسلام وقتما تشاء وحيثما تشاء دون أن يتصدى لها المسلمون بوحدة صف واحدة ، فتفرق جمع هذه الأمة عندما ابتعدت عن ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد ، فهذه الأمة هي خير امة أخرجت للناس ، ما بالها الآن لا يعد لها حساب من قبل الأعداء ؟ وما بال الأعداء يتهافتون عليها من كل حدب وصوب في فلسطين والعراق وكوسوفا وفي كشمير وفي السودان والصومال وأفغانستان ولبنان وغيرها من بلاد المسلمين ؟ هل هو الذل بعد ترك الجهاد في سبيل الله ؟ لماذا ترهلت وضعفت حال الأمة الإسلامية وهي التي أظهرت امجد وأفضل حضارة على وجه الأرض فهزمت إمبراطوريتي الروم وفارس آنذاك ، ونشرت الحضارة بنورها المتدفق شعاعا ذهبيا ، في السابق كان يحسب لهذه الأمة ألف حساب أما الآن فلا يحسب لها أدنى حساب ، أيها المسلمون عودوا إلى دينكم ففيه العزة والمنعة والكرامة والنصر المبين والتمكين بإذن رب العالمين فهو ناصر المستضعفين في الأرض من عباده المخلصين . وأخيرا نقول هنيئاً لكم أيها الشهداء بكافة مراتبكم ودرجاتكم يا من دافعتم عن حمى الأرض والوطن والعرض الفلسطيني خاصة والعربي والإسلامي على نطاق أوسع ، بألسنتكم وبسيوفكم البتارة ، إلى جنات النعيم في دار الخلد مستقرين ونعم عقبى الدار ، طبتم بما أسلفتم في الأيام الخالية . ونسأل الله أن يرزقنا الشهادة في سبيله مقبلين غير مدبرين لتكون كلمة الله العزيز الحكيم هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى في كل وقت وكل حين من الدهر . آمين يا رب العالمين ، ونصر من الله وفتح قريب إن شاء الله . فيا أيها المؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبالنبي المصطفى نبيا ورسولا عودوا إلى خنادقكم ، ولا تذروا ذروة سنام الإسلام ، فتركه يعني الذل والخسران المبين بين الأمم في العالمين ، فأصبحنا مقهورين بدل أن نكون قاهرين . جاء بمسند أحمد - (ج 45 / ص 29) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْجِهَادُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ " .
ونختتم هذا الموضوع المهم في الحياة الإسلامية العامة والخاصة ، بقول الله جل جلاله مخاطبا المؤمنين : { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)}( القرآن المجيد ، التوبة ) .
والى هنا أيها الإخوة والأخوات الكرام نأتي إلى ختام هذه الجولة الإيمانية ، شكرا لكم على المتابعة والإصغاء ، إلى الملتقى في لقاء قادم إن شاء الله . وحتى ذلك الحين نترككم في أمان الله ورعايته . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

https://eioe.forum.st

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى