إن مرحلة سن اليأس من المحيض أو سن انقطاع الطمث Menopause لا تعد حدثآ محددآ مثل أول مرة يحدث لك فيها الحيض . فهناك تلك المدة الزمنية التي تستبق التوقف التام لفترات الحيض ولكن يحدث خلالها عدم إنتظام لتلك الفترات وتسمى ما قبل سن اليأس من المحيض بـ Perimenopause . وهي عملية تدريجية تصبح فترات الحيض أثنائها غير منتظمة ثم تتوقف نهائيآ . و اليأس من المحيض غالبآ ما يعرف بأنه غياب الفترات الحيضية لمدة 12 شهرآ متتاليآ ، ويكون مصحوبآ بإنخفاض مستويات هرمون الاستروجين الانثوي .
وفي معظم النساء ، تبدأ هذه العملية في منتصف عقد الأربعينات من العمر ، وتنتهي مع آخر فترة حيضية في حوالي سن الخمسين . ومع ذلك يمكن أن تنتهي الفترات الحيضية عند سن مبكرة أو متأخرة عن هذه السن بكثير . وتلعب عوامل أسلوب الحياة دورآ في تحديد موعد دخول هذه المرحلة ( فمثلآ ، قد يؤدي تدخين السجائر إلى التبكير في الدخول بهذه المرحلة ) . و النساء اللائي أُستأصل منهن كلا المبيضين تحدث لهن حالة اليأس من المحيض على الفور .
التغيرات التي تحدث أثناء مرحلة اليأس من المحيض تكون مرتبطة بالتغيرات في وظائف المبيضين . فعند الميلاد يحتوي مبيضاك على كمية من البويضات تكفي العمر كله ، وهو ما يربو على المليون بويضة في كل من المبيضين . وحول وقت بلغ الحلم ، يبدأ إنتاج الاستروجين في خلايا الحويصلة المبيضية ( وهي تمثل الحجرة التي تحوي البويضة ) . كما يتم إنتاج الأستروجين من النسيج الدهني ولكن بكميات أقل بكثير ، ومع إقترابك من سن اليأس من المحيض تتناقص مستويات الإستروجين مع تناقص اعداد الحويصلات السليمة في المبيضين .
وبكلمات بسيطة نقول : إن سن اليأس من المحيض يعد علامة على إنتهاء سنوات الإنجاب والتكافل ، فلم يعد المبيضان يعملان من خلال تلك الدورة الشهرية على انضاج إحدى البويضات وإعداد الرحم للحمل . وينتج عن هذا نقص فيما يقدمه المبيضان للجسم من هرمون الاستروجين . ففي المرأة يمارس الاستروجين مفعوله على خلايا الاوعية الدموية والعظام والجلد والرحم والنسيج الثديي وبطانة المهبل والجهاز البولي والمخ . وعندما تنخفض مستويات الاستروجين يتأثر كل من تلك الانسجة والاعضاء ، مما يسبب الفورات ( الهبّات ) الساخنة و جفاف المهبل و تهيج الجهاز البولي في بعض النساء .
وذلك التغير في الحياة الذي يحدث اثناء مرحلة سن اليأس من المحيض ، إنما يصف بحق عملية تأقلم الجسم للتغير في مستوى الاستروجين . فبمرور الزمن تضيع التأثيرات المفيدة للأستروجين على العظام وعلى الأوعية الدموية للقلب مما يجعل هشاشة العظام و امراض القلب أكثر شيوعآ بين النساء اللائي دخلن مرحلة اليأس من المحيض . ويهدف العلاج الهرموني التعويضي إلى تخفيف أعراض اليأس من المحيض قصيرة المدى وعواقبه الصحية طويلة المدى .
وأحيانآ ما تكون اعراض اليأس من المحيض غير واضحة ، ولهذا السبب ، قد يأمر طبيبك بإجراء إختبارات الدم لقياس مستويات كل من الهرمون المحفز للحويصلات المبيضية و هرمون اللوتنة ، وهذان الهرمونان ينتجهما الغدة النخامية كإستجابة للتنبيه الواصل إليها من الهيبوثلامس ( وهو جزء من المخ يدخل في عملية التنبيه الهرموني أثناء الدورة الحيضية ) .
وأثناء مرحلة ما قبل اليأس من المحيض يحس الهيبوثلامس بإنخفاض مستويات الإستروجين ، ويحاول أن يحفّز المبيضين بمستويات مرتفعة جدآ من هرموني اللوتنة والمحفز للحويصلات المبيضية ، ونتائج الإختبارات الخاصة بهذين الهرمونين يمكن أن تساعدك وطبيبك على معرفة ما إذا كنت تدخلين مرحلة ما قبل اليأس من المحيض .
خيارات العلاج :
إن للعلاج أثناء مرحلة اليأس من المحيض هدفين محددين . أولهما ، أن يهدف العلاج إلى تخفيف الاعراض التي تسببها التغيرات الهرمونية . وثانيهما ، أن يعطى لتقليل خطر حدوث هشاشة العظام و أمراض القلب إذ أن الجسم يُحرم من التأثير الواقي للأستروجين الذي كان ينتجه من قبل ، كما أن تمتعك بأسلوب حياة صحي يمكن أن يقلل خطر إصابتك بهشاشة العظام وامراض القلب .