أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلىالله عليه وسلم- أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء متفق عليه.
نعم حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- متفق عليه كما ذكر المصنف -رحمهالله-، وفيه: أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء فيه تعظيم أمر الدماء، وأن أمرها شديد وعظيم؛ ولهذا جاء الشارع بتحريم الدماء والاعتداء على النفوس المسلمة والمعصومة، كل هذا يدل على أنها محرمة ومعصومة أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء وذلك لعظم شأنها.
وجاء في رواية أخرى من حديث تميم الداري ومن حديث أبي هريرة -رضي الله عنهم-،أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: أول ما يحاسب العبد من أعماله يوم القيامة صلاته في حديث تميم، وفي حديث أبي هريرة أنه يبدأ بالصلاة، ثم الزكاة، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك؛ يعني على هذا النحو، ثم يقال: انظروا هل لعبدي من تطوع.
اختلف العلماء في أيهما يبدأ: بالدماء أو بالمحاسبة على الصلاة ونحوها؟ الأظهر -والله أعلم- أن يقال: إن القضاء يكون في الدماء؛ يعني أول ما يبدأ في القضاء في الدماء، وأول المحاسبة في الصلاة ونحوها، فرق بين القضاء والمحاسبة، فعلى هذا يكون البداءة في حقوق العباد في أمر الدماء، أعظم حقوق العباد أمر الدماء فيبدأ بها، وكذلك حق الخالق سبحانه وتعالى أمر العبادات وشأنها، وشأن العبادات وأعظمها وأجلهاشأنا وأعظمها خطرا الصلاة.
فلهذا هي أول ما يكون القضاء في حقوق العباد يكون في الدماء؛ لأن هذا أمر يتعلق بحقوق العباد، والمحاسبة تكون في حقوق الله -عز وجل- والمراد الخالصة، وإلا ما من أمر يأمر الله به أو نهي ينهي عنه سبحانه وتعالى إلا وله فيه حق؛ لكن المراد الحقوق الخالصة أو التي يغلظ فيها حقه سبحانه وتعالى، أو الحقوق التي يغلظ فيها حق العباد.
فأول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء؛ وذلك لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة فابتدئ بها، وفي الصحيحين عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: أنا أول من يجثوبين يدي الله للخصومة يوم القيامة. يعني: في شأن بدر قتلى يوم بدر؛ لما قَتَلَ هو وأصحابه -رضي الله عنهم- لما وقعت مبارزة بينه وبين كفار قريش، وأنهم أهل الحق وخصومهم أهل الباطل، فأول من يجثو للخصام هو -رضي الله عنه- ومن معه؛ فيجثون للمخاصمة، وجاءت الأخبار في هذا الباب كثيرة تبين أمر الدماء وشدة أمر الدماء.
وكذلك جاء من حديث ابن عباس عند النسائي بإسناد جيد أنه قال: يأتي المقتول يوم القيامة ممسكا رأسه بيده، وبيده الأخرى القاتل، وأوداجه تشخب دما فيقول: يا رب سل هذا فيم قتلني فلهذا المصنف -رحمه الله- ذكر هذا الخبر في هذا الباب؛ لأجل تعظيم شأن الدماء، وأن أمرها خطير، وأن أمرها عظيم في الشرع؛ ولهذا جاء في الخبر الأول في بيان أن الأصل العصمة في الدماء؛ إلا من وجب قتله أو جاز قتله بسبب الشرع.
مأخذ من موقع ابن تيمية
أختكم في الله : فــــــــ الخير ـــــــاعلة
أختكم في الله : فــــــــ الخير ـــــــاعلة