مصراوي للإلكترونيات وخدمات الصيانة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مصراوي للإلكترونيات وخدمات الصيانة

lcd,tv,رسيفر,تليفزيون,شاشه,كمبيوتر,سوفت,برامج,بلازما.توشيبا,شحن فلاشه,


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

نظرة فقهية شمولية في تحديد الشهور القمرية (1 ـ 2)

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

م/حسن المصري

م/حسن المصري
المدير العام









الشرق الاوسط
الثلاثـاء 16 رمضـان 1424 هـ 11 نوفمبر 2003 العدد
9114

نظرة فقهية شمولية في
تحديد الشهور القمرية

(1 ـ 2)


عدنان عبد المنعم قاضي
يستمر كل سنة
اختلاف دخول الشهور القمرية الشرعية في الدول الإسلامية. ينبع الاختلاف من
اختلاف النظرة الشرعية لأصحابها. هناك رأيان: رأي يرى أن هناك نصًا شرعيًا
يوجب الرؤية ولهذا فالترائي عبادة ولا يدخل الشهر إلا بهذه الوسيلة. ويعتمد
هذا الرأي على أحاديث الرؤية وعلى قوله تعالى... «فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ
اَلْشَّهْرَ فَلْيَصُمْه»ُ... (البقرة 185) وعلى فكرة اختلاف المطالع.
الرأي الآخر يرى في علم الفلك الحديث وسيلة كافية لإدخال الشهر. ولكل من
الرأيين أراء فرعية.























توحيد الشهور القمرية لن يُحَل إلا بمدخل شرعي وبالتخلي عن فقه السيادة.
هذه المقالة تقدم نظرة فقهية شمولية ذاتية التناسق توضح أن منهج الشريعة
الإسلامية في استخدامها للظواهر الطبيعية (وليس فقط الهلال) هو ليس في
كونها جزءاً من العبادة التالية بل وسيلة لتحديد بدء زمنها. من خلال هذه
النظرة نعرف دور الظواهر الطبيعية في تحديد بدء زمن العبادات.






















هذه النظرة الشمولية تعتمد على ثلاث حقائق. أولا: أن الله هو خالق الكون
والقوانين الطبيعية والقيوم على كل شيء، وأن الله هو الذي شرَّع الدين.
ثانيا: أن الشريعة الإسلامية استخدمت ظواهر طبيعية كمحددات لبدء تنفيذ
أركان الإسلام الخمسة ولعبادات ومعاملات أخرى. ثالثا: أنه لا يوجد أي ثقل
تعبدي لأي من هذه الظواهر الطبيعية أو لآلياتها، وبعضها يستحيل أن يوجد له.






















إن الوَحْدة في المصدر بين الخلق والشرع تجعل من البدهي لله سبحانه أن
يستخدم ما يشاء من قوانين وظواهر طبيعية وغيرها لتحديد وإقامة شرعه. هذا
الاستخدام يُظهر منهجية الإسلام الطبيعية والشمولية ودليل مادي على أن
رسالته فطرية وعالمية لكل البشر. فإيمان المسلم بوَحْدة المصدر تجعل من
المستحيل أن يكون لديه تضاد بين الخَلْق والشرع. إذا ظهر التضاد، فإنه يكون
إما في فهم ما خلق الله أو ما شَرَّع أو في كليهما.






















والسؤال هو: لماذا يستخدم الإسلام ظواهر طبيعية لتحديد بدء تكاليف شرعية؟
يكمن السبب في أن الظواهر الطبيعية: من صنع الخالق، أنها مُشرَّعة من عند
الله فهي إطار المرجعية، أنها تتميز بالعمومية (أي بساطة التَعرُف عليها
ظاهريًا في أي مكان وزمان واستخدامها من قبل أي إنسان متعلمًا كان أو
أمِّيا، كبيرًا أو صغيرًا، رجلاً أو امرأة)، أنها تتميز بالثبات
والاستمرارية (فلا تتبدل نسبيًا بتقادم الزمن وبالتالي فهي متاحة للاستخدام
في أي مكان وزمان)، وأنها يُحرَّم أن تُعَْبَد لذاتها.






















الأسباب السابقة تظهر بوضوح أن الظواهر الطبيعية التي استخدمها الإسلام
كانت لطبيعة وظائفها ولم تكن لأن الإسلام نزل قبل أربعة عشر قرنًا أو لأنه
ظهر في منطقة نائية أو لأنه نزل على أناس غير متعلمين. والإسلام، على غير
أديان أخرى، حين يأتي بنص لاستخدام هذه الظاهرة الطبيعية أو تلك فإنه
يُعامِل كل هذه الظواهر الطبيعية بدون أي قداسة لذاتها لأنها من مخلوقات
الله وأنها وسائل مُسخَّرة متعددة الأغراض لكل البشر.






















الآن لنظهر الأدلة الشرعية على أن الظواهر الطبيعية وسائل. هذه الأدلة
تُظهر أن قصد المُشرِّع بالتكليف الشرعي هو العبادة وأنَّ الظواهر الطبيعية
ـ بالرغم من مرجعيتها ـ هي وسائل قابلة للتغير لتحديد بدء تلك العبادة.























* إن كل الأنبياء والمرسلين الَّذين أرسلهم الله سبحانه إلى كل البشر كانوا
بشرًا مثلهم، وهذا هو الإجراء الطبيعي. هذه البديهة يؤكدها حقيقة تعدد
وموت كل الرسل وبقاء الرسالة. وتتعزز هذه البديهية بحقيقة كون سيدنا رسول
الله أميًا، وهي حقيقة طبيعية لكل البشر.
























* إن القرآن نزل تلاوة أي نطقًا والمُسْتلِم كان مستمعًا وحافظًا، والنطق
والاستماع والحفظ ظواهر طبيعية بشرية. كما أن طبيعة تلاوة وتجويد القرآن
تجعل من النطق والاستماع الطريقة الطبيعية لحفظه في الصدور. كما أنَّ السنة
النبوية نفسها لم تدون في عهد رسول الله ثم كُتِبت بعد ذلك.
























* النطق عند البشر ظاهرة طبيعية، واستخدم الإسلام التلفظ بالشهادة شرطًا
لدخول غير المسلم في الإسلام.
























* البلوغ ظاهرة طبيعية وهو السن الطبيعي للإنجاب، وقد استخدمه الإسلام
كمُحَدِّد لبدء كل التكاليف الشرعية. ودلائل البلوغ لدى الجنسين هي
الاحتلام أو شعر العانة أو تغير الصوت أو الحيض أو بروز الثديين.
























* الحيض عند النساء ظاهرة طبيعية، استخدمه الإسلام كمُحدِّد لبدء التكليف
الشرعي. واُستخدم أيضًا كوسيلة لتنظيم أحكام معاملات مثل سن الزواج والطلاق
والعدة.
























* الشمس والقمر (وكل آلياتهما الفلكية) أجرام طبيعية، استخدم الإسلام مواقع
لهما كمحددات لبدء عبادات، بدون أن يكونا أو لآلياتهما الفلكية أي ثقل
تعبدي. وحين حدَّد الشرع «الفيء مثل الشراك» و«كل شيء مثل ظله» و«وجبت
الشمس» و«غاب الشفق» و«برق الفجر» كمحددات لبدء الصلوات و«الهلال» لبدء
رمضان و«الخيط الأسود من الخيط الأبيض» و«غربت الشمس» كمحددات لبدء الامساك
والإفطار، فإنه أشار إلى هدف وهو العبادة وحدد وسيلة وهي مواقع للشمس
والهلال لأدائها.
























* المسلم الذي في القطب الشمالي أو الجنوبي لا يؤدي فقط صلاتي الظهر
والعِشاء مرة واحدة في السنة لأن الشمس في كبد السماء لمدة 6 أشهر أو مظلمة
لمدة 6 أشهر أخرى لأن مواقع الشمس الصلاة الأخرى لمْ تتحقق. الصيام لا
يسقط في مناطق خطوط عرض عليا لأن الهلال لا يظهر شتاءً ويكون معلقًا في
السماء صيفًا لمدة معينة. رائد فضاء مسلم في فضاء سحيق لا يُعفى الصلاة
والصوم لأنه ليس عندك مكان ولا اتجاه ولا زمان ولا مواقع شمس وهلال. إن
العبادة بقيت وإن انتفت ظواهرها الطبيعية التي حُددت بنصوص شرعية لأن هناك
بدائل.
























* الصلاة المفروضة إما أن تُصَلَّى في وقتها، أي حَسَبَ الظاهرة الطبيعية
الأصلية، أو تُجمع في وقت آخر أو تُقضى في وقت آخر. كذلك المريض والمرأة
الحائض والنفساء في رمضان فإنهم يَقضون في وقت آخر. هنا الظاهرة الطبيعية
الأصلية (الزمن الأصلي) استعيض عنها بظاهرة طبيعية أخرى (زمن آخر)، أي
الوسيلة تغيرت والعبادة بقيت.
























*النجوم تعتبر ظاهرة طبيعية كونية تتميز بالثبات النسبي لسكان الأرض ولذلك
اُستخدِمت ولازالت تُستخدم، ضمن أشياء أخرى، كوسيلة لتحديد الاتجاه
لمسافرين، ألم يقل الله وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ النحل
16. فهل يقول عاقل أو عارف إنه لا يجوز استخدام وسائل أخرى غير النجوم
للاهتداء بها في مسالك السفر لأن الله عز وجل ذكر النجوم؟ وهل وَالْخَيْلَ
وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا... النحل 8; هو لذاتها أو وسيلة
للمواصلات؟
























* اللِّعان هو وسيلة إثبات أو نفي لما يكون قد حدث لعلاقات فردية بين
زوجين. ولكن اللعان هو بديل لوسيلة أخرى، الشهادة. هل اللعان (أي الشهادة ـ
علمًا أن الشهادة تعني العلم بشيء والدليل عليه) بحد ذاته هو المقصود
لإثبات/نفي تهمة الزنا؟ والجواب: أن الشرع أتى ببديل آخر للعان وهو القيافة
كما عُرفت سابقًا أو باستخدام مصطلح علمي عصري: البصمة الوراثية أي العلم
بشيء والدليل عليه.
























* انظر إلى كثير من العبادات، مثل الصلاة والصيام والحج، التي حُدِّدت
بدايتها بظاهرة طبيعية تجد أن فردًا واحدًا يكفي لإعلام المسلمين بدخول
وقتها (واحد يرفع الأذان وواحد يرى الهلال) بينما العبادة التالية واجبة
على كل فرد. وهذا إثبات آخر أن وسيلة تحديد بدء العبادة ليست واجبًا شرعاً.
























* إن الحديث الشريف صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ أشار
إلى هدف وعيَّن وسيلة. أما الهدف من الحديث فهو واضح بيِّن وهو أن يصوموا
رمضان كله ولا يضيعوا يوما منه، أو يصوموا يوما من شهر غيره كشعبان أو
شوال، وذلك بإثبات دخول الشهر أو الخروج منه بوسيلة ممكنة مقدورة لجمهور
الناس لا تكلفهم عنتا ولا حرجا في دينهم في ذلك الوقت أو أي زمان أو مكان
لا يكون فيه البديل متاحًا.
























* إن إدخال رمضان في أيام مختلفة يناقض نصوصا شرعية أخرى، فعن أبي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ إِذَا
دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ
أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ رواه البخاري ومسلم
والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد ومالك والدارمي وهذا لفظ البخاري،
ولمسلم وغيره إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ [أو] إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ.
ولكن، هناك حديث أدق وأوضح من السابق: فـ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ
رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ
أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ
الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ
الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ رواه البخاري ومسلم
والنسائي ابن ماجه وأحمد والترمذي واللفظ له. إن الأحاديث السابقة وغيرها
كثير تشير بوضوح إلى أن هناك شهرًا واحدًا وبداية واحدة وليلة دخول موحدة
لعموم المسلمين في كل بقاع الله. السؤال هو: هل تصفد الشياطين والجن ثم
يطلق سراحها وتغلق أبواب النار ثم تفتح وتفتح أبواب الجنة ثم تغلق لعدة
أيام في أول الشهر وكذلك في أخره لتناسب فهم بعضنا على الأرض؟ هل الشهر 30
يوما أم 33؟ فقد حصل أن كان الخلاف بين المسلمين 4 أيام في دخول الشهر.
























* سوف لا تكون هناك «العشرة» الأواخر لدى كل المسلمين بل ستكون هناك ثلاث
عشرات أواخر، منها ست أواخر مشتركة لدى مسلمي هذه الدول. فبداية العشر
الأواخر (أي ليلة 21) عند الدولة أو الجماعة أ تساوي ليلة 20 عند الدولة ب
و19 عند ج و18 عند د. بمعنى آخر، أيجب أن تكون العشر الأواخر موحَدَة لكل
المسلمين، تبدأ في نفس اليوم وتنتهي في نفس اليوم لنحقق النص الشرعي؟ أم
تذهب كل دولة/جماعة بعشر أواخرها كما ذهبت برمضانها؟
























* إذا قبلنا بهذا فيجب أن نقبل بالنتيجة هذه: سوف تكون هناك إما 4 ليالي
قدر محتملة في الثلاث عشرة الأواخر، أو ليلة قدر واحدة ولكن في 4 أيام من
«رمضان» مختلفة وفي 6 أواخر مشتركة: إنها نتيجة منطقية حتمية. ألا يخالف
هذا نصوصًا قرآنية إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ...
الدخان 3، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ القدر 1؟ بمعنى
آخر، هل هناك ليلة قدر واحدة لكل المسلمين (لكوكب الكرة الأرضية)؟ أم تذهب
كل دولة/جماعة بليلة قدرها كما ذهبت بعشر أواخرها وبرمضانها؟
























* كذلك سوف تكون هناك 4 أعياد فطر. فهل كل هذا صحيح في دين الله؟
























* إذا قُبلَ دُخول شهري رمضان وشوال كل حسب رؤيته بين المسلمين، فيجب أيضًا
أن يُقبل دخول شهر ذي الحجة كل حسب رؤيته. بمعنى، هل اختلاف المطالع لشهر
رمضان فقط؟ أم لكل الأشهر القمرية؟ إذا اختلاف المطالع لكل الشهور القمرية،
فالكل يحج حسب رؤيته، أي أن تكون هناك 4 وقفات في عرفات في 4 أيام مختلفة.
ألا يُعَيِّد المسلمون عيد الأضحى كل حسب رؤيته؟ ألم يبدأ رمضان وبدأت
العشر الأواخر وأتت ليلة القدر وجاء عيد الفطر في 4 أيام مختلفة؟ إن ما جاز
هناك يجب أن يجوز هنا أيضًا ـ دينيًا طبعًا وليس سياديًا. صحيح أن هذا
يخفف من أزمة اختناقات الحج المزمنة حاليًا، لكن هل هذا هو مراد الشرع
الإسلامي؟ إن من يقبل بفكرة اختلاف المطالع في رمضان ولا يقبل باختلاف
المطالع في الحج فإنه يُظهر انتقائية في شرح النص الديني وتحيزًا لفقه
السيادة: إنكارًا لتعدد «رؤية» هلال الحج دون غيره. إن مناسك الحج موحدة
سياديًا في كل سنة ولكن ليس عيد الأضحى، بالرغم من اشتراك الحج والعيد في
هلال واحد. شعيرة واحدة وُحدت في بدايتها سياديًا وتعددت في نهايتها
دينيًا. وتظهر هذه الانتقائية مرة أخرى في قبول الحساب لركن من أركان
الإسلام (تحديد بدء أوقات الصلاة) ونفيه لركن آخر (تحديد بدء الصيام ولكن
ليس تحديد بدء الإمساك والإفطار).
























* طلوع الشمس صباح يوم القدر حَدَّثَنِي عَبْدَةُ عَنْ زِرٍّ قَالَ:
سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ، وَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ،
فَقَالَ أُبَيٌّ: وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِنَّهَا لَفِي
رَمَضَانَ (يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي). وَ وَاللَّهِ إِنِّي لأعْلَمُ أَيُّ
لَيْلَةٍ هِيَ. هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا: هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ
سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ
يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا رواه مسلم وأبو داود وأحمد وهذه
رواية مسلم، أي أن تطلع الشمس على كل أرجاء الكرة الأرضية وبالتالي على كل
سكانها (مسلمين وغيرهم) بيضاء لا شعاع لها. لهذا، فإن كل أرض تطلع عليها
الشمس في نفس اليوم لا يصح لها أن تُدْخِل رمضان إلا في نفس اليوم حتى وإن
ادَّعَت الرؤية_فادعاء الرؤية هنا باطل فربما توهم الشاهد أو غلط أو كذب أو
كان جاهلاً بآليات رؤية الهلال. إن الشمس حين تسطع على كوكب الأرض لا
تعترف بالحدود الدولية ولا بعدم التناسق الذاتي أو المذهبي. هذا الشاهد
الكوني يعطي دليلاً ماديًا لتوحيد دخول ليلة القدر وبالتالي توحيد دخول
العشر الأواخر وبالتالي توحيد دخول شهر رمضان.























وللشيخ الدكتور يوسف القرضاوي نظرة ثاقبة ويسميها التميز بين الوسيلة
المتغيرة والهدف الثابت للحديث النبوي الشريف:























«إن بعض الناس خلطوا بين المقاصد والأهداف الثابتة التي تسعى السنة إلى
تحقيقها وبين الوسائل، الآنية والبيئية التي تعينها أحيانا للوصول إلى
الهدف المنشود، فتراهم يركزون كل التركيز على هذه الوسائل، كأنها مقصودة
لذاتها، مع أن الذي يتعمق في فهم السنة وأسرارها، يتبين له أن المهم هو
الهدف، وهو الثابت والدائم، والوسائل قد تتغير بتغير البيئة أو العصر أو
العرف أو غير ذلك من المؤثرات».
























«إن الوسائل قد تتغير من عصر إلى عصر، ومن بيئة إلى أخرى، بل هي لا بد
متغيرة، فإذا نص الحديث على شيء منها، فإنما ذلك لبيان الواقع، لا ليقيدنا
بها، ويجمدنا عندها».
























«بل لو نص القرآن نفسه على وسيلة مناسبة لمكان معين وزمان معين فلا يعني
ذلك أن نقف عندها، ولا نفكر في غيرها من الوسائل المتطورة بتطور الزمان
والمكان.
























"ألم يقل القرآن الكريم: وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوَّةٍ
وَمِنْ رِّبَاطِ اَلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُّو اللهِ وَعَدَّوكُمْ
وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ... الأنفال 60؟
























«ومع هذا لم يفهم أحد أن المرابطة في وجه الأعداء لا تكون إلا بالخيل التي
نص القرآن عليها. بل فهم كل من له عقل يعرف اللغة والشرع: أن خيل العصر هي
الدبابات والمدرعات ونحوها من أسلحة العصر».























الآن لنعقد مقارنة بين الصلاة والصيام. الصلاة والصيام ركنان من أركان
الإسلام. طريقة بدء كل منهما أتى بها نص شرعي: أوقات الصلاة لا تدخل إلا
حسب مواقع الشمس والصيام لا يدخل إلا حسب موقع الهلال. بل جاءت نصوص شرعية
واضحة باستخدام ثلاث ظواهر طبيعية لإقامة الصلاة: مواقع الشمس لتحديد بدء
أوقات الصلوات، والنطق أي التلفظ بالنداء للإعلام ببدء أوقات الصلوات،
وأخيرًا السماع للاستجابة للصلوات الجماعية. ولكن جاء نصان شرعيان بظاهرتين
طبيعيتين لإقامة الصيام: موقع الهلال لتحديد بدء الصيام ورؤيته.






















السؤال هو: ما هي الوسائل التي يستخدمها المسلمون في العصر الحاضر للإعلام
بأوقات الصلوات؟ الجواب، يستَخدِم المسلمون وسائل غير التي وردت في النص
الشرعي وغير طبيعية; فيُنقل الأذان بمكبرات الصوت وعبر محطات الإذاعة
والتلفزيون والأقمار الصناعية بل وحتى تسجيلاً.






















كيف يسمع المسلمون الأذان الآن؟ ليس «طبيعيًا» بل من صوت الميكرفون أو عبر
الموجات أو الجوَّال أو الساعة الناطقة أو عبر وسائل إليكترونية أخرى.






















لماذا هذه الانتقائية للنص الشرعي؟ لِمَ لا نكون متناسقين مع أنفسنا في فهم
شرع الله؟ لِمَ لا نُصِّر على استخدام مواقع الشمس، كما حددها الحديث،
لتحديد بدء أوقات الصلوات، ونُصِّر أيضًا على أن يُطلق الأذان من حناجر
المؤذنين كما ورد في الحديث، ونصر أيضًا على السماع الطبيعي لدخول الفرض
كما ورد في الحديث؟ لماذا نُصِّر على التفسير الظاهري لحديث مواقع الهلال
والرؤية الطبيعية لدخول فرض الصيام ونتسامح في أحاديث فرض الصلاة؟ إنه سلوك
متناقض ليس للفقه شأن فيه، لأنها تظهر انتقائية للنص الشرعي.






















الحقيقة هي، أن الملايين من المسلمين بما في ذلك المساجد أصبحت تُحدِّد
أوقات الصلوات بجداول أو ساعات واستخدامنا وسائل اصطناعية وحسابية لمعرفة
ونقل وتعميم ظاهرة طبيعية أتى بها الشرع لتحديد تكليف شرعي وهي الإعلام
بوقت الصلاة. وأخيرًا، أصبحنا لا نشترط سماع الأذان. فيكفينا النظر إلى
ساعاتنا ويذهب بعضنا إلى المسجد ويؤديها الآخر حيث كان. كذلك الإمساك
والإفطار وردت فيهما نصوص قرآنية وأحاديث نبوية ثابتة وذلك بربطهما بوسائل
طبيعية، ولكننا قبلنا وسائل غير طبيعية لتحقيق غرض الشرع.






















وأخيرًا، هناك الحج وشعائره في الإفاضة (النفرة) من عرفة وهي من غروب الشمس
إلى شروقها، والمبيت/الوقوف في مزدلفة إلى قبل طلوع الشمس، وأوقات رمي
الجمرات في منى والتي رُبطت جميعها بمواقع الشمس; ولكن لقد أتت وسائل
الاتصالات الحديثة (من إذاعة وتلفزيون وغيرها) والساعات، وبعضها مبرمج،
لتمد يد المساعدة لملايين المسلمين. وقبلنا كل ذلك.























https://eioe.forum.st

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى