تصنيف المسألة: فقهية |
17 - ركن الالتزام عند الحنفية هو : الصيغة فقط ويزاد عليها عند غيرهم : الملتزم ( بكسر الزاي ) والملتزم له , والملتزم به , أي محل الالتزام . أولا : الصيغة :
18 - تتكون الصيغة من الإيجاب والقبول معا في الالتزامات التي تتوقف على إرادة الملتزم والملتزم له , كالنكاح وكعقود المعاوضات , مثل البيع والإجارة , وهذا باتفاق .
أما الالتزامات بالتبرعات كالوقف والوصية والهبة ففيها اختلاف الفقهاء بالنسبة للقبول .
ومن الالتزامات ما يتم بإرادة الملتزم وحده باتفاق , كالنذر والعتق واليمين .
وصيغة الالتزام ( الإيجاب ) تكون باللفظ أو ما يقوم مقامه من كتابة أو إشارة مفهمة ونحوها مما يدل على إلزام الشخص نفسه ما التزمه .
وقد يكون الالتزام بالفعل كالشروع في الجهاد والحج , وكمن قام إلى الصلاة فنوى وكبر فقد عقدها لربه بالفعل .
كذلك يكون الالتزام بمقتضى العادة , ومن القواعد الفقهية ( العادة محكمة ) ومن ذلك من تزوجت وهي ساكنة في بيت لها , فسكن الزوج معها , فلا كراء عليه , إلا إن تبين أنها ساكنة بالكراء .
ويلاحظ أن أغلب الالتزامات قد ميزت بأسماء خاصة , فالالتزام بتسليم الملك بعوض بيع , وبدونه هبة أو عطية أو صدقة , والالتزام بالتمكين من المنفعة بعوض إجارة , وبدونه إعارة أو وقف أو عمرى , وسمي التزام الدين ضمانا , ونقله حوالة , والتنازل عنه إبراء , والتزام طاعة الله بنية القربة : نذرا وهكذا .
ولكل نوع من هذه الالتزامات صيغ خاصة سواء أكانت صريحة , أم كناية تحتاج إلى نية أو قرينة , وتنظر في أبوابها .
وقد ذكر الفقهاء ألفاظا خاصة تعتبر صريحة في الالتزام وهي : التزمت , أو ألزمت نفسي . ومنها أيضا لفظ ( علي ) أو ( إلي ) , جاء في الهداية في باب الكفالة لو قال : علي أو إلي تصح الكفالة , لأنها صيغة الالتزام , وقال مثل ذلك ابن عابدين . وفي نهاية المحتاج : شرط الصيغة في الإقرار لفظ أو كتابة من ناطق أو إشارة من أخرس تشعر بالالتزام بحق , مثل : لزيد هذا الثوب " وعلي " " وفي ذمتي " للمدين الملتزم " ومعي " " وعندي " للعين ثانيا : الملتزم :
19 - الملتزم هو من التزم بأمر من الأمور كتسليم شيء , أو أداء دين , أو القيام بعمل . والالتزامات متنوعة على ما هو معروف .
فما كان منها من باب المعاوضات فإنه يشترط فيه في الجملة أهلية التصرف .
وما كان من باب التبرعات فيشترط فيه أن يكون أهلا للتبرع .
وفي ذلك تفصيل من حيث تصرف الوكيل والولي والفضولي , ومن الفقهاء من أجاز وصية السفيه والصبي المميز كالحنابلة . وينظر ذلك في أبوابه ثالثا : الملتزم له :
20 - الملتزم له الدائن , أو صاحب الحق : فإن كان الالتزام تعاقديا , وكان الملتزم له طرفا في العقد , فإنه يشترط فيه الأهلية , أي أهلية التعاقد على ما هو معروف في العقود , وإلا تم ذلك بواسطة من ينوب عنه .
وإذا كان الالتزام بالإرادة المنفردة فلا يشترط في الملتزم له ذلك .
والذي يشترط في الملتزم له في الجملة أن يكون ممن يصح أن يملك , أو يملك الناس الانتفاع به كالمساجد والقناطر .
وعلى ذلك فإنه يصح الالتزام للحمل , ولمن سيوجد , فتصح الصدقة عليه والهبة له . وعند المالكية تجوز الوصية لميت علم الموصي بموته , ويصرف الموصى به في قضاء ما عليه من الديون , وإلا صرف لورثته وإلا بطلت الوصية .
كما أن كفالة دين الميت المفلس جائزة , وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك , فقد روى البخاري عن سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل يصلي عليه فقال : هل عليه دين ؟ قالوا : نعم ديناران , قال : هل ترك لهما وفاء ؟ قالوا : لا , فتأخر , فقيل : لم لا تصلي عليه ؟ فقال : ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة إلا إن قام أحدكم فضمنه , فقام أبو قتادة فقال : هما علي يا رسول الله , فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم . كما أنه يجوز الالتزام للمجهول , فقد نص الفقهاء على صحة تنفيل الإمام في الجهاد بقوله محرضا . للمجاهدين : من قتل قتيلا فله سلبه , وعندئذ من يقتل عدوا يستحق أسلابه , ولو لم يكن ممن سمعوا مقالة الإمام .
ومن ذلك ما لو قال رجل : من يتناول من مالي فهو مباح فتناول رجل من غير أن يعلم .
ومن ذلك أيضا بناء سقاية للمسلمين أو خان لأبناء السبيل .
وينظر تفصيل ذلك في مواضعه رابعا : محل الالتزام ( الملتزم به ) :
21 - الالتزام هو إيجاب الفعل الذي يقوم به الملتزم كالالتزام بتسليم المبيع للمشتري , وتسليم الثمن للبائع , وكالالتزام بأداء الدين , والمحافظة على الوديعة , وتمكين المستأجر والمستعير من الانتفاع بالعين , والموهوب له من الهبة , والمسكين من الصدقة , والقيام بالعمل في عقد الاستصناع والمساقاة والمزارعة , وفعل المنذور , وإسقاط الحق . . . وكذا .