الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فإن مما شاع في الآونة المتأخرة جراء التقدم التقني والصناعي استخدام الهواتف النقالة التي هي سمة من سمات ثورة الاتصالات ، غير أن بعض الناس لا يحسنون التعامل مع التقنية، وتطويعها في الاستخدام الأمثل في النفع الديني والدنيوي بل وحتى الإنساني، فإن هذه التقنيات والمخترعات والأحدوثات ليست شراً محضاً، ولا خيراً محضاً، وهي على حسب مستعملها ومتعاطيها.
وقد أضحت أجهزة الجوالات صديقاً دائماً للمرء ، لا ينفك عنها في عمله وبيته ، حتى في دور العبادة والطاعة والعلم والتعليم ، بيد أن استعمالها شابه بعض الأخطاء والتصرفات المشينة من وضع الجوال على نغمات صاخبة ، أو تركيب أغان مشهورة لمطربين ومطربات ، أو مشاهد لفنانين وفنانات، أو صوراً .. وهلم جراً.
إنني من واقع عملي إماماً وخطيباً أعاني من هذه القضية معاناة مستمرة تبدو ظاهرة في سماع النغمات الخاصة بالجوال ، وقد تكون بصوت عال , أو سماع الأغاني والموسيقى المركبة على أجهزة الهاتف النقال ، ناهيك عن عدم إغلاق الجوالات حال الدخول في الصلاة ، وأحياناً في صلاة الجمعة ، وعند الدروس والمحاضرات المقامة في الجامع ..
إن هذه التصرفات تتنافي مع ما ينبغي أن يكون عليه المرء المسلم في دور العبادة ، وأثناء مزاولة العبادة من الخشوع والسكون والطمأنينة , فالمسلم مطلوب منه أن يعظم الصلاة ، وأن يقدرها حق قدرها ، ومن ذلك تنزيه الصلاة والمساجد من هذه الآفة الغريبة التي تنافي جلالة الموقف ، وعظمة المكان ، وتذهب خشوع المصلين ..
قال - تعالى- : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) ( الحج :32 ) ، وقال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) (النور: 37,36).
إن المساجد قد نُهي أن يباع فيها ويشترى ، وأن تُنشد فيها الضالة ، لأن المساجد لم تبن للدنيا بل بنيت لله وتوحيده وإخلاص العبادة له - سبحانه وتعالى - ، إنها أماكن الذكر والعبادة والتسبيح والتهليل ، ومتعبد عباد الله المؤمنين بالاعتكاف والدعاء وغير ذلك من أنواع العبادات والطاعات ، فمحالٌ أن يخالط ذلك شيءٌ من الدنيا وزينتها ، ولو كان ذلك بحثاً عن ضالة مفقودة فكيف بالتفاخر بإسماع الناس نغمات الجوال ، وكيف بإدخال الموسيقى المحرمة إلى المساجد.
إنني أخاطب واضعي النغمات الموسيقية في الجوالات بتقوى الله جل وعلا، وترك هذا المنكر العظيم، فإن الغناء حرام، وآلات الغناء من المعازف، والموسيقى حرام أيضاً، فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم النغمات الموسيقية في الجوال فأجابت : " لا يجوز استعمال النغمات الموسيقية في الهواتف أو غيرها من الأجهزة ، لأن استماع الآلات الموسيقية محرم كما دلت عليه الأدلة الشرعية ، ويُسْتَغْنَى عنها باستعمال الجرس العادي ، وبالله التوفيق " [ مجلة الدعوة العدد 1795 ص 42].
كما أذكر أخي واضع النغمات الموسيقية باحترام الذوق العام ، ومراعاة شعور إخوانه المسلمين الذين يتأذون منها خاصة أثناء ممارسة عبادتهم ، وإن لم يكن كذلك فلا أقل من إغلاقه وقت الصلاة حتى لا تجمع مع سيئة نغمة الجوال سيئةً أخرى وهي الإيذاء لإخوانك المصلين ، أو المرضى في المستشفيات ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده , ومن حقوق الطريق كف الأذى كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -.
ولابد لك أخي المصلي من إغلاق الجوال أو وضعه على الصامت عند دخول المسجد وذلك لئلا يشوشَ على المصلين، ويقطعَ عليهم خشوعهم وإقبالهم على صلاتهم، وإذا حصل أنْ نسي المصلي ولم يغلقْه أو يضعه على الصامت فليبادر إلى إغلاقه وإسكاته إذا اتصل أحد؛ لأن بعض الناس يدعه يرن وربما كان بنغمات موسيقية مؤذية، فلا يُغْلِقُهُ ولا يسكته؛ خوفاً من حدوث الحركة في الصلاة، والذي ينبغي لهذا أن يعلم أن تلك الحركة لمصلحة الصلاة، بل لمصلحة المصلين عموماً..
كما إن من المتحتم على الجميع الاحتساب على هؤلاء ، ونهيهم عن هذا المنكر العظيم بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتذكيرهم باحترام دور العبادة والعلم والمصحات والمستشفيات , وأرى أنه من الواجب على أئمة المساجد أن يتعاهدوا الجماعة كلما سمعوا أو رأوا ذلك بالكلمة والموعظة ، وإعداد خطبة تتحدث عن الموضوع وتعالجه , أو قراءة فتاوى العلماء المحذرة من ذلك ..
كما إن الإمام لا بأس أن ينبه المصلين قبل إحرامه بالصلاة بإغلاق الجوالات، لأن وجود النغمات الموسيقية يذهب الخشوع في الصلاة , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الشيخ / محمد بن إبراهيم السبر
فإن مما شاع في الآونة المتأخرة جراء التقدم التقني والصناعي استخدام الهواتف النقالة التي هي سمة من سمات ثورة الاتصالات ، غير أن بعض الناس لا يحسنون التعامل مع التقنية، وتطويعها في الاستخدام الأمثل في النفع الديني والدنيوي بل وحتى الإنساني، فإن هذه التقنيات والمخترعات والأحدوثات ليست شراً محضاً، ولا خيراً محضاً، وهي على حسب مستعملها ومتعاطيها.
وقد أضحت أجهزة الجوالات صديقاً دائماً للمرء ، لا ينفك عنها في عمله وبيته ، حتى في دور العبادة والطاعة والعلم والتعليم ، بيد أن استعمالها شابه بعض الأخطاء والتصرفات المشينة من وضع الجوال على نغمات صاخبة ، أو تركيب أغان مشهورة لمطربين ومطربات ، أو مشاهد لفنانين وفنانات، أو صوراً .. وهلم جراً.
إنني من واقع عملي إماماً وخطيباً أعاني من هذه القضية معاناة مستمرة تبدو ظاهرة في سماع النغمات الخاصة بالجوال ، وقد تكون بصوت عال , أو سماع الأغاني والموسيقى المركبة على أجهزة الهاتف النقال ، ناهيك عن عدم إغلاق الجوالات حال الدخول في الصلاة ، وأحياناً في صلاة الجمعة ، وعند الدروس والمحاضرات المقامة في الجامع ..
إن هذه التصرفات تتنافي مع ما ينبغي أن يكون عليه المرء المسلم في دور العبادة ، وأثناء مزاولة العبادة من الخشوع والسكون والطمأنينة , فالمسلم مطلوب منه أن يعظم الصلاة ، وأن يقدرها حق قدرها ، ومن ذلك تنزيه الصلاة والمساجد من هذه الآفة الغريبة التي تنافي جلالة الموقف ، وعظمة المكان ، وتذهب خشوع المصلين ..
قال - تعالى- : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) ( الحج :32 ) ، وقال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) (النور: 37,36).
إن المساجد قد نُهي أن يباع فيها ويشترى ، وأن تُنشد فيها الضالة ، لأن المساجد لم تبن للدنيا بل بنيت لله وتوحيده وإخلاص العبادة له - سبحانه وتعالى - ، إنها أماكن الذكر والعبادة والتسبيح والتهليل ، ومتعبد عباد الله المؤمنين بالاعتكاف والدعاء وغير ذلك من أنواع العبادات والطاعات ، فمحالٌ أن يخالط ذلك شيءٌ من الدنيا وزينتها ، ولو كان ذلك بحثاً عن ضالة مفقودة فكيف بالتفاخر بإسماع الناس نغمات الجوال ، وكيف بإدخال الموسيقى المحرمة إلى المساجد.
إنني أخاطب واضعي النغمات الموسيقية في الجوالات بتقوى الله جل وعلا، وترك هذا المنكر العظيم، فإن الغناء حرام، وآلات الغناء من المعازف، والموسيقى حرام أيضاً، فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم النغمات الموسيقية في الجوال فأجابت : " لا يجوز استعمال النغمات الموسيقية في الهواتف أو غيرها من الأجهزة ، لأن استماع الآلات الموسيقية محرم كما دلت عليه الأدلة الشرعية ، ويُسْتَغْنَى عنها باستعمال الجرس العادي ، وبالله التوفيق " [ مجلة الدعوة العدد 1795 ص 42].
كما أذكر أخي واضع النغمات الموسيقية باحترام الذوق العام ، ومراعاة شعور إخوانه المسلمين الذين يتأذون منها خاصة أثناء ممارسة عبادتهم ، وإن لم يكن كذلك فلا أقل من إغلاقه وقت الصلاة حتى لا تجمع مع سيئة نغمة الجوال سيئةً أخرى وهي الإيذاء لإخوانك المصلين ، أو المرضى في المستشفيات ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده , ومن حقوق الطريق كف الأذى كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -.
ولابد لك أخي المصلي من إغلاق الجوال أو وضعه على الصامت عند دخول المسجد وذلك لئلا يشوشَ على المصلين، ويقطعَ عليهم خشوعهم وإقبالهم على صلاتهم، وإذا حصل أنْ نسي المصلي ولم يغلقْه أو يضعه على الصامت فليبادر إلى إغلاقه وإسكاته إذا اتصل أحد؛ لأن بعض الناس يدعه يرن وربما كان بنغمات موسيقية مؤذية، فلا يُغْلِقُهُ ولا يسكته؛ خوفاً من حدوث الحركة في الصلاة، والذي ينبغي لهذا أن يعلم أن تلك الحركة لمصلحة الصلاة، بل لمصلحة المصلين عموماً..
كما إن من المتحتم على الجميع الاحتساب على هؤلاء ، ونهيهم عن هذا المنكر العظيم بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتذكيرهم باحترام دور العبادة والعلم والمصحات والمستشفيات , وأرى أنه من الواجب على أئمة المساجد أن يتعاهدوا الجماعة كلما سمعوا أو رأوا ذلك بالكلمة والموعظة ، وإعداد خطبة تتحدث عن الموضوع وتعالجه , أو قراءة فتاوى العلماء المحذرة من ذلك ..
كما إن الإمام لا بأس أن ينبه المصلين قبل إحرامه بالصلاة بإغلاق الجوالات، لأن وجود النغمات الموسيقية يذهب الخشوع في الصلاة , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الشيخ / محمد بن إبراهيم السبر